جامعة أحمد دراية - أدرار
الجامعة الإفريقية سابقا

نبذة تاريخية عن المجاهد أحمد درايعية المدعو “دراية”(1929/1988م)

 

وُلد المجاهد أحمد درايعية الذي تحمل جامعتُنا اسمَه سنة 1929م (أو 1925م في بعض الروايات) بمدينة سوق أهراس، من أبوين كريمين هما: عبد الحفيظ وحفصية بنت الجيلالي، زاول تعليمه الأولي في الكتاتيب القرآنية ثم التحق بمدرسة بيكار الفرنسية إلى غاية سنة 1942م… ولم يمنعه ذلك من مساعدة عائلته والوقوف إلى جانبها أثناء مجاعات وأزمات الحرب العالمية الثانية.

تبلوَرَ الحسُّ الوطني لدى أحمد درايعية مع انضمامه لصفوف الكشافة الإسلامية بين سنتي 1940 و1945، ليتطور بعد ذلك حيث أصبح عضواً في حزب حركة انتصار الحريات الديمقراطية ذي التوجه الثوري الاستقلالي بعد الحرب العالمية الثانية، فقادَ فوجا كشفياً رفقةَ المجاهد باجي مختار سنة 1953م، ثم كُلِّف بالاتصال بين مدينتي سوق أهراس والونزة في الشهور الأولى للثورة التحريرية. 

لبَّى المجاهد درايعية نداء الثورة الجزائرية المظفرة منذ اندلاعها، وعُرف عنه إقدامُه وشجاعتُه في المعارك التي شارك فيها بالمناطق الحدودية الشرقية، وانخرط في صفوف قادة وضباط جيشها، حيث رُقِّي إلى رتبة قائد ناحية بالقاعدة الشرقية مكلَّف بالاستعلامات سنة 1957م، ثمَّ نائب قائد الفيلق الرابع سنة 1958م، وأخيراً عضو قيادة هيئة أركان القاعدة الشرقية.

في سنة 1960م استجابت هيئة الأركان العامة لجيش التحرير الوطني لنداءات جنود القاعدة الشرقية، فأطلقت سراح قادتهم المعتقلين على خلفية ما عُرِف بـ “مؤامرة العموري”، حيث كان المجاهد درايعية من بين القادة الذين رُدَّ إليهم الاعتبار، رفقةَ الرائدين عبد الله بلهوشات ومحمد الشريف مساعدية، وأسنِدت إليهم مهمة إنشاء نواة الجبهة الجنوبية للثورة التحريرية على الحدود النيجيرية المالية، بالنظر لخبرتهم العسكرية ومكانتهم الثورية، وذلك لأجل تقوية الثورة التحريرية، وإبراز سيطرتها على المجال الصحراوي الذي حاول الفرنسيون المناورةَ بشأنه.

انتقل المجاهد أحمد درايعية ورفاقُه من تونس إلى غينيا ومنها إلى مالي، واتَّخذوا من مدينة “غاو Gaoi” الواقعة شمال مالي قاعدةً خلفيةً ومقرا لنشاطهم، وهناك أُسنِدت للمجاهد درايعية مهمة “الاتصالات والأخبار”. سعَى المجاهد أحمد درايعية رفقةَ بلهوشات ومساعدية وبوتفليقة إلى تقليل الضغط على الولاية الخامسة من جهة أقصى الجنوب، من خلال إعادة بعث الخلايا الثورية في مناطق: توات، عين صالح وتامنغست، واستقطاب الجالية الجزائرية في مالي والنيجر، واستدراج القوات الفرنسية إلى أبعد نقطة في الصحراء الجزائرية.     

عُيِّن أحمد درايعية بعد الاستقلال عضواً باللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني سنة 1964م، وعضواً في مجلس الثورة، بمعيةِ قيادات الرعيل الأول لثورة التحرير الجزائرية. ثمَّ أصبح مديراً عاماً للأمن الوطني من سنة 1965م إلى غاية سنة 1977م، حيث تمَّ تعيينه وزيراً للنقل لمدة سنتين، وخلفَه على رأس الأمن الوطني السيد الهادي خضيري.

 شهدت الفترة التي قضَّاها السيد أحمد درايعية مديراً عاما للأمن الوطني إنجازاتٍ هامة من الناحيتين الهيكلية والتنظيمية، منها: افتتاح المدرسة التطبيقية بالصومعة بالبليدة سنة 1969م، والمدرسة العليا للشرطة بشاطوناف سنة 1970م، وكذا استحداث أمن الولايات، وإدماج العنصر النسوي في صفوف الأمن الوطني، وتأطير الشباب الصغار في مدرسة أشبال الشرطة، فضلاً عن تطوير الشرطة العلمية والتقنيات المعلوماتية المرتبطة بمجالات عمل الأمن الوطني… فلا غرابةَ إذاً أنْ تحمل اليومَ مدرسةُ الشرطة بالدار البيضاء اسمَه.

فاضت روحُ المجاهدِ الفذِّ أحمد درايعية إلى بارِئها سنة 1988م بالجزائر، بعد ثلاثٍ وستين 63 سنة من الكفاح السياسي والمسلَّح، وأيضاً كِفاحِ “الجِهاد الأكبر”… بِناءِ الوطن الجزائري ومؤسساتِه، التي حاول الاستعمار الفرنسي طمسَ معالمها. تغمَّد اللهُ روحَ المجاهد درايعية بواسع عفوِه ورحمتِه، وجعل الجنَّةَ داره ومُستقرَّه.